رؤيتنا لحاضر ومستقبل برامج الجنسية عن طريق الاستثمار في الجزر الكاريبية، مع الأمل في تحقيقها
لقد أدخلت مؤخرًا “سانت كيتس ونيفيس” تحديثًا مهمًا على برنامج الجنسية عن طريق الاستثمار العائد لها وكل المؤشرات تدل أن برامج باقي الجزر الكاريبية سوف تتبع. وبالتالي، بالرغم من أننا لسنا متفائلين لناحية ديمومة هذه البرامج إذ أن العد العكسي لوجودها بحلّتها الحالية قد بدأ، لكن بشكلٍ عام نعتقد أنه خبر جيد للغاية لمجمل قطاع حرية الحركة العالميّة.
فما هو هذا التحديث؟ باختصار شديد، يتلخص بنقطتين: (أ) تضاعفت الأسعار و (ب) أصبح إلزاميًا أن يخضع المتقدمون لمقابلة قبل الموافقة النهائية على طلباتهم وأن يستلموا جمع شهادات التسجيل والجوازات شخصيًا من السفارات والقنصليات المحددة بعد الموافقة. بمعنى آخر، أصبح خيار الإستحصال على جنسية “سانت كيتس ونيفيس” عن طريق الاستثمار أكثر تكلفة و أكثر صعوبة في التنفيذ، مما سيقلص حكمًا وبشكل كبير عدد الطلبات والمتقدمين، وبالتالي أيضًا إيرادات الدولة وقطاعها العقاري.
إذًا، لماذا أقدمت “سانت كيتس ونيفيس” على هذه الخطوة التي تبدو مضرة لاقتصادها ولخزينتها؟ وهنا بيت القصيد… لقد جاء هذا التحديث على وقع الإجراء الذي اتخذته “بريطانيا” بحق “دومينيكا” بإلغاء ميزة استقبال رعاياها من دون تأشيرة والذي يتضمن أيضًا إمكانية توسيعه ليشمل جميع الدول الكاريبية التي لديها برامج جنسية عن طريق الإستثمار. ويعود ذلك لخفّة تعاطي جميع هذه الدول مع برامجها، إذ أدّت بها المنافسة إلى تجاهل الخطر الأمني الذي باتت تشكله على بريطانيا وكامل الإتحاد الأوروبي. إن التعاطي مع الجنسية عن طريق الإستثمار وكأنها قابلة للشراء، مثلها مثل أي سلعة إستهلاكية ذات سعر خاضع للعرض والطلب في السوق، هو انحراف خطير عن روحية هذه البرامج وخطأ كبير لم نتوقف عن التنبيه منه مع عملائنا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي العائدة لنا لسنوات. من أجل الإنصاف هنا نحن نعتبر أن المسؤولية فيما آلت إليه الأمور في هذه الجزر لا تتحملها الدول وحدها، إنما يشاركها في ذلك الأغلبية الساحقة من المطورين العقاريين والوكلاء المعتمدين وشركات التسويق الذين حولوا قطاع حرية التنقل العالمي إلى سوق تحدّي في الأسعار فقط، على حساب الخبرات والتمرس والجودة في تقديم الخدمات الإستشارية.
لذلك، إن نجحت أو فشلت “سانت كيتس ونيفيس”، من خلال تحديثها لبرنامجها، بالمحافظة على ميزة وصول رعاياها إلى “المملكة المتحدة” ومنطقة “شنغن” من دون تأشيرة، وكذلك الأمر بالنسبة لجميع الجزر الكاريبية إذا حزت حزوها، ما هو حتمي ومؤكد هو أن ارتفاع الأسعار سيقلص من أرقام المتقدمين التي كانت تنمو بسرعة في السنوات الماضية. وبالتالي، لن يصمد جميع الوكلاء وخاصةً أولئك الذين قاموا بالترويج للبرنامج عبر وسائل التواصل الاجتماعي من دون أدنى خبرة تُذكر، مستخدمين “بيع الجوازات” كعناوين عريضة لحملاتهم. فنحن حقًا ننتظر رحيلهم بفارغ الصبر لأنه بذلك نكون قد عدنا إلى الأيام الخوالي التي هيمن خلالها القليل من الأسماء العريقة ذات خبرات عالية. ومن المرجح أن تتقدم وتستمر هذه الأسماء التابعة لشركاتٍ ومستشارين ذوي خبراتٍ عالية والتي تضم فرقًا متمرسة. فمع انخفاض الحجم، يمكن العودة إلى معايير الجودة الأعلى كما كانت عليه الحال سابقًا.
باختصار، إن حرية التنقل عالميًا من خلال الحل الكاريبي ستكون متاحة لعدد أقل من الأشخاص ومع ذلك، هذا لا يعني أنه سيتم حرمان الآخرين منها. نتمنى أن يبدأ كل من الوكلاء والعملاء في النظر إلى حلول مخصصة أكثر لحاجات محددة بدلًا من اتباع نهجًا واحدًا إذ أن
الوصول إلى منطقة “شنغن” أو “المملكة المتحدة” ليس ضروريًا للجميع
يمكن العثور على طرق بديلة وربما أرخص بكثير للحصول على الجنسية، ويختلف ذلك باختلاف جنسية المتقدم واحتياجاته. من هنا يجب معرفة شخصية المتقدم-بشكل مهني وعلمي اولًا ومن ثم عرض الحلول المتاحة وليس عبر دفع المتقدم إلى برنامج ما لاغراض بحت تسويقية.
هناك عدد كبير من الاختيارات المناسبة والمنخفضة الضرائب في مناطق كأمريكا اللاتينية، وشرق أوروبا، ووسط وجنوب شرق آسيا ويتطلب هذا النهج بالطبع خبرات عالية ومعرفة في قوانين الدول المانحة الإقامة أو الجنسية.
اخيرا تبدأ بداية النهاية عندما يدرك المتقدم أن الجنسية الثانية ليست سلعة يمكنه شراؤها من راحة منزله وليس من الضروري أبدًا أن يبذر مئات آلاف الدولارات لتحقيق أهدافه. فبدلًا من ذلك، يمكن تحقيق نتائج رائعة من خلال القليل من الأبحاث والصبر مع مستشارين يضعون مصلحة المستثمر أولًا ومستقبله فوق كل اعتبار.